البداية:

كان اسمه كريسانتو بياغو قبل أن يعتنق الإسلام ويصبح عيسى عبد الله بياغو. يبلغ من العمر أربعين عامًا، وينحدر من الفلبين، وهو متزوج وله ابن. كان كاهناً كاثوليكياً لكنه اعتنق الإسلام قبل أربعة عشر عاماً. وهو اليوم يعيش ويعمل في الدوحة، وقد تشرفنا بلقائه للتعرف على حياته قبل الإسلام وبعده.

الطفولة والتربية الدينية:

درس عيسى في المعهد اللاهوتي وحصل على شهادة البكالوريوس في اللاهوت. عمل كاهنًا كاثوليكيًا وكان ينظر إلى المسلمين كأعداء بسبب الدعاية السلبية التي كانت تروج ضدهم. يقول عيسى: "لم أكن أطيق حتى سماع اسم المسلمين، نظراً للدعاية العالمية التي كانت تصورهم على أنهم قراصنة ومتوحشون". وقد شاركه هذه النظرة السلبية معظم المسيحيين الفلبينيين الذين يشكلون 901 تيرابايت من السكان.

بدء البحث عن الحقيقة:

وذات يوم حضر عيسى محاضرة لمبشر أمريكي يدعى بيتر جوينج عن الإسلام. أثارت هذه المحاضرة رغبته في التعرف على هذا الدين، فبدأ يقرأ بعض الكتب عن أركان الإيمان، وأركان الإسلام، وقصص الأنبياء. فاكتشف أن الإسلام يؤمن بالأنبياء، ومنهم عيسى عليه السلام، الأمر الذي أدهشه كثيرًا. يقول عيسى: "كانت مشكلتي هي قلة الكتب التي تتحدث عن الإسلام والقرآن، ولكنني لم أيأس".

شكوك حول المسيحية

بدأ عيسى يشعر بالشكوك حول الدين الذي كان يعلمه. وتساءل: "كيف يمكن أن يحاسب الله إنسانًا على خطايا الآخرين؟ ولماذا لا يغفر الله هذه الخطايا مباشرة؟ أزعجته هذه الأسئلة، فبدأ يبحث عن الوحي الحقيقي. قرأ التوراة لكنه وجدها مليئة بالأخطاء والتناقضات. يقول: "إن التوراة الأصلية مفقودة، وهناك أكثر من نسخة، فكيف يمكنني أن أصدق هذا".

لقاء المسلمين:

قضى عيسى سنتين في حالة من البحث والشك إلى أن التقى بمجموعة من المسلمين يوزعون كتيبات عن الإسلام. فأخذ أحد كتيباتهم وقرأه بشغف، ثم بدأ في مناقشته مع المجموعة. يقول: "أحببت النقاش والجدال، وهذا ليس مستغربًا لأن هناك العديد من الجماعات المسيحية المتصارعة في الفلبين". جلس مع فريق من المسلمين في إحدى الحدائق، ووجد أن الشخص الذي كان يناظره هو أحد كبار القساوسة السابقين الذي اعتنق الإسلام. تحدثا عن النظام السياسي في الإسلام والمساواة التي جاء بها الدين الإسلامي.

في إحدى الجلسات، سأل عيسى المناظر المسلم: "ما الذي جعلك تترك المسيحية وتعتنق الإسلام؟ فأجاب المناظر: "عندما قرأت القرآن ودرست حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وجدت الحقيقة التي كنت أبحث عنها طوال حياتي". تأثر عيسى بكلمات المناظر تأثرًا عميقًا وازداد اهتمامه بالإسلام.

بحث مستمر:

وواصل عيسى بحثه عن الحقيقة وقرأ كتابًا لأحمد ديدات أجاب فيه عن كل أسئلته حول الكتاب المقدس. وكان يلتقي بالرجل المسلم كل يوم جمعة ليسأله عن كل شيء. وسأل عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلاقته بنسل إسماعيل، وأعطاه فقرات من التوراة تذكر محمدًا (صلى الله عليه وسلم). فيقول عيسى عليه السلام: "لقد أعانني إيماني بعيسى عليه السلام على الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم".

اتخاذ القرار

استمر بحث عيسى لمدة شهرين، لكنه كان مترددًا لأنه كان يخشى أن يخسر كل شيء إذا اعتنق الإسلام. يقول: "كنت أعلم يقينًا أنني إذا اعتنقت الإسلام سأخسر كل شيء: المال، وشهادتي الأكاديمية، والكنيسة، وسأخسر والديّ وإخوتي". لم يكن قادرًا على تعليم العقيدة المسيحية لأنه لم يكن مقتنعًا بها. في النهاية، التقى بصديقه المسلم وسأله عن الصلاة، فقيل له أن الشهادتين (إعلان الإيمان) تأتي أولاً. فرفع عيسى إصبعه وقال: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله" دون أن يعرف معنى هذه الكلمات حتى شرحها له صديقه.

إشهار الإسلام

بعد إعلان إسلامه، غضب والدا عيسى غضبًا شديدًا. جاء كبير القساوسة إلى المنزل لمناقشته، ولكن عندما أظهر له عيسى التناقضات الموجودة في الكتاب المقدس، لم يستطع القس أن يقنعه بشيء. يقول عيسى: "سمعت فيما بعد أن الكنيسة بأكملها كانت تصلي من أجلي لكي أعود إلى رشدي، كما لو كنت قد جُننت". بدأ عيسى يرسخ في الإسلام وبدأ في تقديم البرامج الإسلامية في التلفزيون والإذاعة المحلية.

تأثير الإسلام على أسرته:

بعد اعتناقه الإسلام، تزوج عيسى من امرأة مسلمة ورُزق بابنه الوحيد عبد الصمد. يقول بفخر: "بعد ذلك اعتنق أبي وأمي وأختي وزوجها وابن أخي وابنة أخي وابنة أختي الإسلام. وأحمد الله أنني كنت سببًا في هدايتهم إلى الصراط المستقيم".

الدعوة في الفلبين

يقول عيسى إن أكثر من أربعمائة شخص يعتنقون الإسلام كل شهر في الفلبين وفقًا للسجلات الرسمية. ويضيف: "معظم الفلبينيين مسيحيون بالاسم فقط وليس لديهم من يدعوهم إلى الإسلام. وبعضهم مقتنعون بالإسلام ولكن الخوف من المستقبل يعيقهم". ويرى أن أفضل طريقة لدعوة الآخرين إلى الإسلام هي المعاملة الحسنة وأخلاقيات الإسلام.

العقبات والتحديات:

ويذكر عيسى أن هناك عوائق تمنع الناس من اعتناق الإسلام، مثل الأفكار الخاطئة المترسخة في أذهانهم عن الإسلام، وسلوكيات بعض المسلمين التي تعطي صورة سيئة عن الدين، والشبهات المثارة حول الإسلام مثل أنه يشجع الإرهاب وإساءة معاملة المرأة. ويؤكد أن دور الدعاة هو تقديم الصورة الحقيقية للإسلام وإزالة المفاهيم الخاطئة عن هذا الدين العظيم.

الحوارات المؤثرة:

في أحد الحوارات المؤثرة مع والديه، كان الحوار على النحو التالي: الأم: "لماذا تركت الدين الذي تربيت عليه؟ كيف يمكنك التخلي عن كل ما علمناك إياه؟" عيسى: "أمي، لقد بحثت بعمق ووجدت أن الإسلام هو الحق. لم يعد بإمكاني تعليم شيء لا أؤمن به. لقد أجاب الإسلام على جميع أسئلتي ومنحني السلام الداخلي الذي كنت أبحث عنه." الأب "لكننا سنخسرك، وستخسر كل شيء. لماذا نتخذ مثل هذا القرار الصعب؟ عيسى: "أعلم أن الأمر صعب، ولكنني أطلب منكم أن تحاولوا أن تفهموني. أريدك أن تعرف أنني وجدت النور والحق في الإسلام".

التحديات اليومية:

واجه عيسى العديد من التحديات بعد اهتدائه. وذات يوم، جاءه صديق سابق في الكنيسة وقال له: صديقي: "كيف تجرؤ على ترك الكنيسة؟ هل جننت؟ عيسى: "لم أصاب بالجنون؛ لقد وجدت الحقيقة. أرجو أن تحاولوا أن تتفهموا موقفي. لقد بحثت ووجدت أن الإسلام هو الطريق الصحيح". صديقي: "لن تنجح في الحياة بهذه الطريقة. ستخسر كل شيء." عيسى: "قد أخسر أشياء مادية، لكنني ربحت راحة البال وطمأنينة القلب. وهذا أثمن من أي شيء آخر".

مع هذه التفاصيل والحوارات، تصبح قصة عيسى بياغو أكثر تأثيرًا وحيوية، مما يساعد القارئ على فهم عمق تحوله واكتشافه للإسلام.

الإشارات القرآنية:

قَوْلُهُ تَعَالَى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى. ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ. وَإِذا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ". (سورة المائدة 5: 82-83، ترجمة مجمع الملك فهد).

منشورات مشابهة